التطور الثقافي والفكري الحقيقي
النزعة الإنسانية غائبة عندنا بشكل عام، فلا وجود لإحترام حقوق الإنسان على جميع الأصعدة السياسية أو الإجتماعية أو حتى الإقتصادية والعقائدية، فهنالك تقسيمات عرقية وطائفية تميز البشر وتصنفهم تصنيفات مختلفة، وتقيم الإنسان بناءا عليها، وبالتالي يحصل على ما يستطيع إذا كان ينتمي لفئة مهيمنة أو تمنعه من أدنى حقوقه إذا كان لا ينتمي لها.
كما أن التمييز في كل شيء تقريبا هي المعايير السائدة في النظرة للإنسان والتعامل معه وتقييمه ويغيب أي شكل مؤسسي يحافظ على حق الإنسان أو المواطن في وطنه وإن وجدت الدساتير والقوانين فهي شكلية هذه التصنيفات للبشر في مجتمعاتنا لا يوجد فيها إحترام حقيقي للإنسان وأدت إلى غياب الحس والتعامل الإنساني بين الكثيرين وإذا جئنا للعقل فهو يفتقر إلى أبسط مظاهر الحرية فالعقل يبنى أو يربى تربية على مسلمات غير قابلة للنقاش ويخضع لأشكال مختلفة من السلطة الفكرية والسياسية ولا يتم بناؤه حسب تفكير العصر وثقافته إذ تعمل نظم التعليم في الغالبية الساحقة من الدول العربية على التلقين وإلغاء دور العقل والإبداع كما أن العقل مقيد بالعديد من الأفكار الموروثة غير القابلة للنقاش أي تم إخضاعه لأنظمة فكرية فأصبح من يفكر بعقل حر إما شاذا عن المجتمع أو غريبا عنه وعن طريقة تفكيره وإذا أتينا على النزعة العلمية فهذه تكاد تكون غائبة تماما عن ثقافتنا الدارجة، فما نحتاج إليه في واقعنا الحالي هو نزعات عصر الإنسانية والعقلانية والعلمية التي تقبل الأرضية لأي تطور ثقافي وفكري حقيقي إن نجاح أي مشروع فكري لا يمكن أن يأتي إلا من خلال وجود العقلية الحرة والمبدعة وتنطلق من فهمها لواقعها بما يتطلبه من تغييرات فكرية وثقافية، وفي حال تلبيس الواقع أفكارا ليست من ثوبه، فسيغيب الإبداع والتطوير الحقيقي.