الفكر الاجتماعي عند الفارابي
الفارابي (258 هـ / 872م – 339 هـ / 950م) هو أحد أعظم الفلاسفة في التاريخ الإسلامي، ويُلقب بـ “المعلم الثاني” بعد أرسطو. كان له دور كبير في تطور الفلسفة الإسلامية، وبشكل خاص في موضوعات السياسة والفكر الاجتماعي. في هذا المقال، سنتناول الفكر الاجتماعي عند الفارابي، وتحديدًا رؤيته حول المجتمع المثالي، التعاون الاجتماعي، والعدالة الاجتماعية.
1. الرؤية الاجتماعية عند الفارابي
الفارابي كان يؤمن بأن المجتمع هو كائن حي، حيث يشترك أفراده في تكوينه مثلما يشترك أعضاء الجسم البشري في وظيفة معينة. بحسب الفارابي، المجتمع المثالي هو الذي يتسم بالانسجام الكامل بين الأفراد، وهو مجتمع قائم على العدالة والخير العام.
أ. المدينة الفاضلة
الفارابي هو من أوائل المفكرين الذين قدموا فكرة “المدينة الفاضلة”، وهي المدينة التي يسود فيها الخير والعدالة، حيث لا يكون هناك ظلم أو فساد. كان يعتقد أن السعادة الحقيقية تأتي عندما يسعى الأفراد لتحقيق الصالح العام ورفاهية المجتمع بشكل عام، وليس المصلحة الشخصية فقط.
-
العدالة في المدينة الفاضلة: كان الفارابي يعتقد أن العدالة هي أساس النظام الاجتماعي. تتوزع العدالة في المدينة الفاضلة بين الأفراد والمؤسسات بطريقة تحقق التوازن بين الحقوق والواجبات. فالعدالة الاجتماعية وفقًا له لا تتحقق إلا إذا كانت السلطات تتوزع بحيث يساهم الجميع في تحقيق خير المجتمع.
ب. المجتمع والعقل
الفارابي كان يميز بين “المدينة الفاضلة” و**”المدينة الفاسدة”**، حيث تعتبر المدينة الفاسدة هي التي يسود فيها الانقسام والفوضى والتنازع على المصالح. في حين أن المدينة الفاضلة هي التي يتعاون فيها الأفراد لتحقيق الخير العام.
-
العقل السياسي: كما أن الفارابي كان يربط بين العقل والقيادة الحكيمة. كان يعتقد أن الفلاسفة والمفكرين يجب أن يكونوا هم من يقودون المجتمع، لأنهم أكثر قدرة على تحقيق العدالة واتخاذ القرارات التي تخدم الصالح العام. العقل البشري الفعال، وفقًا للفارابي، هو الذي يقود الأفراد نحو الخير العام والتعاون الاجتماعي.